كنت يوم أمس في غرفة انتظار ، موعد دخولي لطبيب الاطفال .
فجو متغير الآن يودي بأمراض عديدة لصغارنا .
المهم .. أنني قد أطلت الانتظار في تلك الغرفة .. حتى وجدت العجب .
فنساء حولي كنّ ينتظرن ..
لكل منهن روح و نفس مختلفة تماما عن الاخرى .
عن نفسي ..
دخلت أحمل بين ذراعيّ طفلتي ..
دخلت صامتة .. و خرجت صامتة لم أتفوه بأي كلمة .
لكنني خرجت بصداع مزمن .. مما رأيته و سمعته .
أما عمن حولي ..
فاحداهن ..
كانت حالتها مستميتة !!
كانت تود أن تعرف كل شي عن كل واحدة موجودة بيننا ..
تسأل أي شئ .. و كل شئ ..
اسمك ؟ كنيتك ؟ من اين انتي ؟
منذ متى و انتي متزوجة ؟ اتعرفين تلك ؟ و تلك ؟ و تلك ؟
أعيتني أسئلتها .. رغم أنها لم توجه لي أي سؤال .. لأنني كنت اُخفي ملامحي .. و لابد أنها شعرت بأنني ممن لايُستحق الحديث معي ..
في وضعي ذلك .. لا اُمانع انا اكون لا أستحق شيئا !
ما أصابني منها بالعجب .. أنها كانت تنتقل من مقعد لآخر .. لتتمكن من سؤال تلك و تلك .
كانت ذات نفسٌ عجيبه !! حتى شعرت انها لم تكن هناك للانتظار من الاصل !
و العجب العجب .. انها كانت تطلب بعض هواتفهن حين تُنهي الحديث معهن .
أما إحداهن ..
فكانت قد تركت صغيرها حراً لأبعد الحدود !
تقدم نحو صف مقعدي ..
حيث كانت كل ثلاث مقاعد تلتصق معا و كنت على احدهم ..
كان صغيرها يضرب على المقعد الاول بعنف .. الصوت كان عالٍ جدا ،
و قوته كانت تحرك المقاعد الثلاثة معا .. فكان لي من الهزّ نصيب .
لست ممن يجدن الحديث في موقف كهذا .. لكن لطول المدة التي بقي يلعب بها بتلك الطريقة و لما آل اليه حالي حينها .. رفعت رأسي ، و بقيت احدّق بعينيّ امه ..
حتى ادركتُ بأنها قد شعرت بموقفي ..
وضعت حقيبتها جانبا .. و مالت بجسدها نحوه ..
الا انها كانت لتعيد ترتيب ملابسه !!
يا الهي ..
اعتقد بأنها فهمتني لكنها وجدت نفسها ليست مجبرة ان تحقق لي مطلبي .
اما الأقرب لي جلوسا ..
فكانت من دولة عربية اخرى ..
قضت وقت انتظارها .. تعلم طفليها شيئا من اللغة الانجليزيه .
لقد كانت مخلصة جدا .. تعيد تكرار الكلمات و الحروف حتى يتمكنا من نطقها جيدا
Do
Do
Do
Do
You
You
You
Have
Have
Have
هي تلك الكلمات المكرره فقط طوال فترة انتظارنا .. لم تكرر كلمات غيرهن .
تهتف : Do فيكرر كل منهما على حدا Do ..
و هكذا ..
حتى مضيت و ما زالت هي تعيد التكرار .
اما آخرى ..
فكان صغيرها يجلس بجوارها .. اعتقد بأنه ذو اعوام ثلاثه ..
لم تكن تتحدث ..
اما صغيرها .. فربما كان يريد شيئا و لكنه قد حُرم منه ..
لأنه قد قضى وقته يصرخ بين دقيقة وآخرى :
لا أحد يكلمني ! لا أحد يكلمني !
حتى وددت ان اصرخ : خلاااااااص !! ما حد كلمك ..
و احداهن ..
تبدو صغيرة سناً .. الا انها كانت تمسك بطفلها ذو الثمانية أشهر .. كانت تلك معلومات أبدتها هي لمن كانت تسألها ..
ربما هي من زادت صداعي .. فطفلها هذا رغم انه كان يبدو مريضا ..
الا انها لم تكّف عن مداعبته و اضحاكه ..
قضى سويعاته يضحك معها و يضحك .. حتى بات يضحك دون ان تحدثه .
و أما الأخيرة ..
فكانت هندية الأصل ..
كانت تجلس و طفلتها بهدوء تام ..
فقط تهدي ابتسامتها لتلك و تلك ..
انها الأجدر لأنْ تكتب تدوينتي هذه .. حتى تضيفني لقائمتهن .. بقولها :
اما احداهن ..
فكانت صامتة متصامتة حازمة .. تخفي ملامحها ..
قضت وقتها تحاول تهدئة طفلتها ..
يبدو ان لا شئ حولها يعجبها .. و كل شئ بجوارها تجده غير وقته المناسب ..
بإختصار .. وجودها كان الأسوأ .
:)
و قد أستحق ذلك ..
فجأة .. و وسط هذه الأجواء .. رن هاتفي ..
انه زوجي .. معلناً انه قد انتهينا و ان وقت انتظاري قد أزِف .. و هيا بنا نمضي .
:)
:)
:)
الجدير بالملاحظة ..
انهن جميعهن ..
ليس مهم لديهن الوقت المناسب لفعل شئ ما ..
المهم ان يمضي الوقت بهن دون ملل .
قد يكونوا على صواب .. و أنا الخطأ بعينه ..
لكنها النفوس .. لا يغيرها اصحابها !
.