3.24.2008

مشاعــر ام




احتضنته بذراعيّ .. حتى كبر عظمه و قوي عوده ..

.

احتضنته .. حتى ظهرت لي تجاعيد ملأت وجهي .. بل وجسدي بأسره .

.

بنيّ .. لم تضيع أيام شقائي من أجله .. سدى ..

.
فلم يتركني أنام على الثرى يوما ، لتأكلني حشرات الأرض ، بعدما أصبح بإمكانه الطيران بعيدا عني .
بل .. لقد كان لي .. نعم الأنيس ، نعم الونيس ونعم السند .
.
في ذلكـ اليوم الأبيض .. الذي كانت السماء فيه غاية في الزرقة والصفاء . تزوج بني .


فغردت العاصفير بهجة ، أمام عينيّ .

.
لم تعينني قدماي يوم ذاكـ على السير ، لأرى سعادته تغمر عينيه ، حين يمسكـ بعروسه .
بل لزمت سريري .. في انتظار عودته لي مساءا ، بعد إنتهاء زفافه ..

.
قضيت سويعات تلكـ الليلة ..
أرفع كفيّ نحو السماء حينا .. راجية ربي أن يوفقه ويمنحه سعادة أبدية .
و اُصفق بيديّ بحرارة حينا آخر .. حين تمر بمخيلتي صورة وقوفه أمام حبيبته .
.
دقّت الساعة الواحدة مساءا ..
دخل وزوجته ، بلباسه الأبيض الناصع إليّ .
أقبلا نحوي ..
أطلقت ملامح الفرح ، تمتزج بها ملامح الحزن والأسى .. فهذه هي الليلة الاولى التي سينام فيها بني بعيدا عني ..
وفي دار غير داري .

.

بدأت أقرأ ملامح عروسه الفاتنة .. أتأملها .. وأسأل نفسي :
هل ياترى ستسعد بني ويسعدها ؟

هل ستبتسم له دوما ؟

هل ستعينه على السير بقية دربه في الحياة ؟

هل ستسمح له بزيارتي كل يوم ومتى أراد ؟
.
مددت يدي إليها بخوف .. فلست أدري ما يجول بخاطرها نحوي !
فصافحتني بدفء ..

.
ابتسمت .. فابتسمت .
هتفت :
ليلة سعيدة يا بنيتي .. وسأحتاج لزيارتكم كثيرا .

.
اقتربت مني بشدة .. وضعت عينيها أمام عيني ..

.

ثم همست في اذني :
ومن أخبركـ بأنني سأترككـ الآن ؟!

لقد فقدت والدتي منذ أن كنتُ في الرابعة من عمري .. وهاهو ربي قد أهداني اليوم ( اما ) جديدة ..

فهيهات أن أبتعد عنك ..
سنقضي حياتنا معكـ امي .. لتربي أنت أبنائنا على يديكـ .

.

.

ذرفتُ عبراتي .. وقبل أن تصل إلى منتصف وجنتيّ .. مسحتها ابنتي بكفيها .

.

.

احبهـــــــــــــــا
.

.
شكرا لكـ إلهي .

.

.





3.07.2008

بيتـــــــــــــــــــــــــــــي 1



كنت في زيارة لمُسّنة ...
.
شعرت بأن هناكـ كلمات كانت تجول في خاطرها ..
و كلماتها تلكـ لا شكـ أنها تجول في خاطر الكثير ممن هن في مثل سنّها ، وقد تجول بي أنا أيضاً ، حين تمضي بي السنين ..
.
لكنني حينها لن أستطيع تدوينها .. فإليكم ذلك قرّائي ..

.

في بيت صغير أنا ، يحمل بين حوائطه الكثير مما لا يراه أحد سواي .
.
عيناي فقط ، هما اللتان تبصران ما يملكه بيتي هذا ..
.
صغير في أعين من يأتي لزيارته ، أعلم ذلكـ أجل ...
كبير جدا في عينيّ ..
.
أنا وحدي .. أعرف ما يوجد في ثناياه ..
.
اُحبه ..
أحب حتى تلكـ الشقوق ، التي رسمها الزمن على حوائطه ..
و أنا وحدي ، أعرف عمر كل واحد منها ..
.
واني لاُقدّس أرضه التي قد ترفعوا ثيابكم ، حتى لا تمسّها ..
.
.

في بيت صغير أنا ، يحمل بين حوائطه الكثير مما لا يراه أحد سواي .
أمضيت حياتي كلها معه ، وفيه ..
لي مع كل ركن له ، حكاية جميلة ..
فيه بصمات لأنامل زوجي الحبيب ..
فيه آثار لألعاب ، صنعها أبنائي ( فلذات كبدي ) حين كانوا كان صغارا .
فيه بسماتهم التي تشرق على ذاكرتي ، حين أصحو صباح كل يوم ، فأتذكرهم ..
فأشعر بقربهم مني .
.
.
سعيدة أنا ، مبتسمة ... فقط ، حين أكون على أرضه ، مستندة على حوائطه .
سعيدة أنا ، مبتسمة ... فقط ، حين أشرب وأطعم نفسي من أوانيه ..
التي أجدها جميلة للغاية ، رغم عتقها في نظركم .
.
اُحب بيتي الصغير .. ولا تجذبني أبدا ، تلكـ البيوت الكبيرة ، الفاخرة ..
.
.
فلتعوا أحبتي قولي .. ولتقنعوا أنفسكم به ..
اُحب بيتي الصغير ..
اُحب رائحته الطيبة ..
اُحب أنفاس أرواح كريمة ، قد عاشت منذ زمن طويل .. فيه .. معي .

.

.

3.05.2008

مختـــارات 2




الأسطر التالية أهداها أخي لحاسوبي .. ولشدة جمالها .. سأُدرجها لكم ..

.

.


* * *

.

أحياناً يغرقنا الحزن حتى نعتاد عليه .. وننسى أن في الحياة أشياء كثيرة يمكن أن تسعدنا ..

وأن حولنا وجوهاً كثيرة يمكن أن تضيء في ظلام أيامنا شمعة ..

فابحث عن قلب يمنحك الضوء .. ولا تترك نفسك رهينة لأحزان الليالي المظلمة .

.

* * *

.

لا تضع كل أحلامك في شخص واحد ..

ولا تجعل رحلة عمرك وجهة شخص تحبه مهما كانت صفاته ..

ولا تعتقد أن نهايه الأشياء هي نهاية العالم .. فليس الكون هو ما ترى عيناك .

.

* * *

.



لا تنتظر حبيباً باعك .. وانتظر ضوءاً جديداً يمكن أن يتسلل إلى قلبك الحزين ، فيعيد لأيامك البهجة ،

ويعيد لقلبك نبضه الجميل .

.

* * *

.

لا تحاول البحث عن حلم خذلك ..

وحاول أن تجعل من حالة الإنكسار بداية حلم جديد ..

و لا تقف كثيراً على الأطلال .. خاصة اذا كانت الخفافيش قد سكنتها ..

والأشباح عرفت طريقها ..

وابحث عن صوت عصفور يتسلل وراء الأفق مع ضوء صباح جديد .

.

* * *

.

لا تكن مثل مالك الحزين ..

هذا الطائر العجيب الذي يغني أجمل الحانه وهو ينزف ..

فلا شيء في الدنيا يستحق من دمك نقطة واحده .

.

* * *

.

3.03.2008

مرايـــــا 5



نحتاج دوماً ، لمن يتحدث معنا وإلينا .

لمن يجيبنا ويبادلنا الرأي .

لمن يستمع ، بل وينصت إلينا .

.



فإن لم نجد ذلكـ يومــا .. فإننا قد نحاكي أنفسنا ، وبصوت عال ، حينما نختلي بأرواحنا .


.

.

3.01.2008

بين أركــان غـرفــة فـقـيـد

بين أركان غرفة فقيد ، وقفت ام ..
وتحت سقف غرفته ، بدأت تتأمل ..
تنظر يمينا وشمالا .. وعبراتها تسابق نظراتها ...
.
.
فأين أنت اليوم يا بني ، من حاجياتك هذه ؟
.
خزانة كبيرة ، واسعة للغاية .. . بأبواب ثلاثة .. ذات لون أزرق داكن . قد اخترتها بنفسك ،
فقد كان لونك المفضل .
.
سرير يتسع لشخصين ، عليه وسادتين كبيرتين .. تستند إليهما ، حين تقرأ أحد تلك الكتب الكثيرة ،
التي تستند على مكتبتك البيضاء .
.
كرسي ضخم .. أقرب لأن يكوم أريكة .. تجلس عليه يا حبيبي حين تقضي سويعات يومكـ مع حاسوبكـ ..
.
أين أنت اليوم يا غالي ؟ وقد ملأت بالأمس أرض دارنا ، من بصمات قدميك ..
أين بسمتك التي ترسم ابتسامتنا ؟
أين كلماتك التي تصل إلى آذاننا ؟
أين قُبلتك التي تصل إلى صميم قلبي ؟
.
و هل يرى أحدهم يا ترى أن الأيام ستنسيني نبرة صوتك ، التي كبرت معي ، وبين يدي ؟
.
إلى كأس كان بجوار حاسوبه ، توجهت بخطواتها ...
أمسكته بأناملها التي كانت ترتجف ..
حملته نحوها ، كان مليء بالماء ..
لم يشربه بعد ..
.
في داخلها ، سألت نفسها :
- ألم تمكنه سويعات حياته من أن يشربه ؟
أفي قبره هو الآن ، عطشانا ؟
.
.
جلست على أرض غرفته ..
وبين أحضانها وضعت دفتر ذكرياته .. وقلبها يمنعها من أن تتصفحه ..
.
ساعات قضتها على أرضه تلك .. وكلها أمل أن تنظر خلفها ، فتراه يربت على كتفها ، قائلا :
.
- إنها المرة العشرون التي أنهاك يا امي ، عن دخول غرفتي حين لا أكون موجود بها .
.
كانت تأمل أن تسمع صوته يخبرها بذلك ..
لأنه حينها ستبتسم له ، و ستكون هذه هي المرة الاولى التي تكون جملته تلك ، كبلسم على قلبها ،
رغم قساوتها عليها من قبل .
.
لكن آمالها تلك ، لم ولن تتحقق ..
.
فحملت أعضائها ، خارجة من جنته الصغيره ..
.
وقد كان آخر ما نظرت إليه ، ورقة على باب غرفته ، قد دوّنت هي عليها له :
.
( لا تنسى يا نادر شراء : أقلام لأخيك ، ممحاة لأختك ، وخضروات طازجة لي ) .
.
أزالت عبراتها عن وجنتيها من جديد ..
و أغلقت باب غرفته لتسمع رنين منبه ساعته ، يوقظه لصلاة الفجر، لو كان بجوارها ..
.
.
طيب الله ثراك يا بني .
.
.