12.29.2007

مرايـــا 2

حدقتُ في ساعة حائط كانت أمامي ..
عجبتُ لعقاربها .. فقد كانت تسارع بعضها بعضا .

فما أسرع مضي الوقت في زماننا !


فهانحن .. لم يمضي علينا الكثير أنا واخوتي .. حتى وجدنا بعضنا ، نطوي معا شريط ذكرياتنا ... منذ أن كنا صغارا .


واعجباه !

بين لحظة وآخرى .. نعيد النظر إلى الزمن .. نحمله معنا ، على يدنا ، حيثما ذهبنا ..

وكم نشعر بالضياع حين نتخلى عنه ، وإن كان تخلينا عنه للحظات وجيزة .

ناسين دوما .. أن جري عقارب أي ساعة .. ماهو إلا ( عد تنازلي ) لأعمارنا .
تم

12.18.2007

هكـــذا بــدت





عدت بعد عناء السهر إلى داري ..دخلت غرفتي .. حركت شعر رأسي بأناملي .. ثم استلقيت على سريري .. فتذكرتها ..


ابنتي الحبيبة .. تتركني الليلة ولأول مرة .. تغادر دارها الذي ترعرعت به .. تنسى غرفتها ، سريرها وحاجياتها ذاهبة إلى عش جديد مع زوجها ..
نهضت من سريري ، بعدما ملأت دموعي وسادتي .. توجهت إلى غرفتها .. فتحتها بهدوء .. إنها المرة الاولى التي تخرج منها دون أن تقفل بابها .. ذرفت دموعي من جديد .. ألن تعود ابنتي ؟
جلست على مقعدها .. بدأت أتامل ما حولي ..
واستعيد شريط ذكرياتي معها ..


فبالامس البعيد .. البعيد ..


كانت .. تلازمني .. تلاحقني وتقلدني ..كانت تبحث عني أينما ذهبت ..


أحملها بين أحضاني .. والكل ينشدني أن :


( لا فرق بيني وبينها صغيرتي .. سوى شعري الأسود وشعرها الأشقر ) .


كبرت .. وبدأت تفخر بضفيرتيها الطويلتين .. تقفز فتطيران خلفها وهذا مرادها ..


تحمل حقيبتها الثقيلة متجهة نحو مدرستها بسعادة .. فكم تشعر بداخلها أنها بدت كبيرة كاخوتها .



وبالأمس البعيد ..


بلغت ابنتي عامها السادس عشر .. فبدأت تقفل باب دارها .. تخبئ حاجياتها في صندوق صغير ، لاتنسى ان تقفله مرارا .. تجمع أوراقها تحت وسادتها .. تغيّر تسريحة شعرها على غير عادتها ..تجادلني .. تخاصمني .. تبحث عن صديقاتها أكثر من بحثها عني ..
كبرت ابنتي ..



وقبل أعوام قليلة .. أتت تجري نحوي .. عانقتني وهي تبكي .. فلقد حصلت على مجموع حلمت به طويلا في مرحلتها الثانوية .. دخلت به حبيبتي .. ميدان الجامعة ..


حينها فقط .. بدأت تعود إلي .. تحتاج لي .. فيالفرحتي بها !



الليلة .. كان موعد زفافها .. كانت سعيدة للغاية .. بفستانها الأبيض تزهو .


كنتُ أنظر إليها .. فبعدما كانت بين يديّ طوال تلك السنين .. هاهي اليوم يمسك أحدهم بيدها .. يضع يده الاخرى عل كتفها .. ينظر إليها ويتأملها ..
شعرتُ بأن كل شئ من حولي يبكيني .. حزنا عليها ، أم فرحا بها ولها .. لستُ أدري !



وقفتُ في لحظتي الأخيرة معها .. بجوارها .. قبّلتها .. فالتقطت إحداهن صورة لي معها ..
اقتربت تلك السيدة مني .. أنشدتني :


( كم تشبهك ابنتك كثيرا .. ولا فرق بينكما سوى شعرها الأسود وشعرك الأبيض ) .
ابتسمت .. ثم طويتُ خطواتي بعدها ..إلى داري .. إلى غرفتي .. ثم إلى غرفة ابنتي .. وها أنا ذا أجلس على مقعدها ، واُزيل دموعي عن وجنتيّ .




تم

12.17.2007

القلـب الطـاهر


ما أسوأنا ! حين نجادل نحن أصحاب الجيل الجديد جدتنا ، ومن هم من جيلها .. محاولين اقناعها بصحة ما نقوله لها .. ناسين حينها .. كل ما اكتسبته من خبرة خلال سنين حياتها .
ما أسوأنا ! حين لا نصدق ما ترويه علينا من حكايات مرت عليها في زمانها .
ما أسوأنا ! حين لا تهمنا حكم تخبرنا بها .
ما أسوأنا ! حين ننسى ذلك القلب العظيم ، ولا نتذكره سوى مرة في العام .
ما أسوأنا ! حين تكون دعواتنا لها بطول العمر .. نادرة .. كندرة الكبريت الأحمر .
فما أروع الجدة ( أي جدة كانت ) ! بل .. وما أطهرها !
فمهما عنها غبنا .. أو عليها أخطأنا .. فإنها لاتذكر منا ولنا .. إلا كل خير .. ولا يهمها حين نلقاها .. إلا أن تأخذ بأيدينا ، فتضمنا إلى حضنها .. وتربت على أكتافنا .. وتدعو لنا .
كم احبك جدتي الحبيبة .. فدمت لنا سندا .
تم

12.15.2007

الافق



انني على يقين .. بأن الافق .. هو الافق .. ولكن

كثيرا ما أتساءل !

لماذا حينما نبتسم ، فتبتسم لنا الدنيا .. يبدو لنا كل شئ من حولنا غاية في الجمال .. وحينها يصبح الافق في أعيننا واسعا ؟

وحينما نحزن ويصيبنا الأسى .. فإن كل شئ يبدو كئيبا .. وحينها يصبح الافق ضيقا وبشدة .. نكاد نمسّه بأيدينا ؟
تم

12.13.2007

مرايـــــــــا 1

كنتُ بداخل سيارتنا الخاصة .. اجلس على مقعدها الأمامي ، في انتظار عودة زوجي لي .. الذي وقف ليحدّث صاحبه بجوار باب داره ( أي دار صاحبه ) .
بدأت أتأملهما .. فيالبساطتهما !
زوجي .. قرر فجأة أن يقابل صديقه ليخبره بأمر ما ، فذهب إليه من غير موعد سابق .
وصديقه هذا .. وإن علم بقدوم زوجي له .. فإنه لن يجهد نفسه ليستعد للمقابلة .
حقاً .. يالبساطة الرجال !
فحينما نعلم نحن النساء بأننا سنتقابل .. فإننا نقضي نصف نهارنا تأهباً لذلك اللقاء ..
فما أيسرهم ! وما أصعبنا !
بل .. وما أطهر العباءة ! فهي ستر لنا ورحمة .
تم

12.11.2007

بلســـم حيــاتي



انه ( أحمد ) صغيري الذي لم يتجاوز عامه الثاني بعد ..
هو بلسم حياتي ، رغم شقاوته .

بعد الفراق

الكلمات التالية .. هي (كلمة تخرج) ، ألقيتها على زميلاتي في حفل تخرج بسيط ، اُقيم لنا في كليتنا ( كلية العلوم بالدمام ) ، قسم علم الحيوان
بعد الفراق ...
حينما تمر الأيام والسنين ..
حينما نكون قد بلغنا التسعين ..
حينما ننسى كل ما عرفنا عن الوراثة والجين ..
بعد الفراق ...
حينما يكون من ماضينا الكوالا والاوبوسوم ..
حينما يمر بنا الـ DNA والكروموسوم ..
حينما لانفرق بين جنس الاسكارس والانكلستوم ..
بعد الفراق ...
حينما نجد نوعا من بكتريا الغذاء ..
حينما نشعر بتلوث الماء أو الهواء ..
حينما نرى السلاحف والضب والحرباء ..
بعد الفراق ...
حينما يكافح أحفادنا الحشرات بالكيروسين ..
حينما يمر بنا ان من الأحماض الثيروسين ..
حينما تنقبض أطرافنا فنتذكر الاوكسيتوسين ..
بعد الفراق ...
حينما لانفرق بين الدوله الاموية والدوره الدموية ..
حينما نقرأ شيئا عن البحث والثقافة الصحية ..
حينما نتذكر الخلايا البائية والتائية ..
بعد الفراق ...
حينما تعجز أفواهنا عن نطق ( الدي اكسي كورتيكوستيرون ) ..
حينما يُمحى من ذاكرتنا الانسولين والجلوكاجون ..
حينما نأبى أن نعرف الغدد والانزيم والهرمون ..
بعد الفراق ...
حينما نسمع بجملة ( قطاع عرضي في .. ) ..
حينما نرى صورة للامبري أو أفاعي ..
حينما نتذكر قانون الارتباط والتداعي ..
بعد الفراق ...
حينما نسمع أجيالنا يصفون الفسكرة والحمرا ..
حينما تمر بنا احدى حالات الطفرة ..
حينما نتذكر ولو شيئا عن الشفرة ..
بعد الفراق ...
حينما ننسى ما عرفنا عن الجمبري والحيتان ..
حينما نسمع صوت الطائر الطنان ..
حينما نحكي لأحفادنا حكاية التشريح والديدان ..
بعد الفراق ...
حينما تمر بذاكرتنا الأغشية الخلوية ..
حينما نرى النجم والقنديل والكائنات البحرية ..
حينما نقرأ أسطرا عن المراحل الجنينية ..
حينذاك ..
فلنبتسم .. وان خلت أفواهنا من الأسنان .
ولتتذكر كل منا الاخرى ، ولتدعوا لها بالأمن والأمان ، والرحمة والغفران .. قبل فوات الأوان .
تمت

12.10.2007

مسائــي


هذه الخاطرة حررتها بقلمي ، وتم نشرها في مجلة الفرحة في شهر ديسمبر من العام 2004 .




مســائي




نعم .. ما ان يحل المساء .. وأضع البصمة الاولى من قدمي ، بجوار باب غرفتي .. إلا وتبدأ أفكاري بالإستعداد


للإنتشار من حولي .


وما ان أضع رأسي على وسادتي .. إلا وأجدها تتنافس لتسيطر على فكري .


أبداً .. لا تفارقني أي لحظة عشتها في حياتي .. أتذكر كل كبيرة وصغيرة مررت بها .. تراودني اللحظات السعيدة ..


أتخيل نفسي فيها من جديد .. أسعد كثيرا ! وأبتسم في الظلام الدامس !


افكر .. فأتذكر بأن اولى لحظات حياتي كانت سعيدة ...


أجل .. كانت حينما نظرت إلى وجه والدي وهما في قمة السعادة .. لقدومي لهما ، مولودة صغيرة سأعيش بين كنفيهما .


وفجأة ! تنتهي هذه الذكرى اللطيفة .. لتراودني اخرى .. تخبرني بأنها الاولى من لحظاتي .. و كانت حزينة .. حملت


اولى دموعي ..


نعم .. كانت حينما بكيت .. لأنني خرجت من حضن امي الدافئ ..


حضن .. ملأ دفتر ذكرياتي وصفاً .. واحتل مكانا واسعاً من كتاباتي .


خرجت .. لأحيا على هذه الأرض التي لا أعلم إلى أين تقودني !


إلى حياة تقلب أيامي أفراحاً وأحزاناً ..


حياة .. تبدأ يومي بنهار مشرق ، وتنهيه بليل طويل .. يحمل أطنانا من الأحلام والآمال .. ثم تقف بي حيث لا أدري ..


لأنهي مسائي بدموع تملأ وسادتي على ما مضى من عمري !


اغمض عيني .. وأسدل غطائي .. فأنام .




تمت

12.06.2007

ابنتــــي


هذه القصيدة .. هي قصيدة أهداها لي والدي ( حفظه الله ) ، في شهر رجب من العام 1411 هـ .


وهي من شعر : د0 وليد قصاب .



ابنتـــــــــــــــــــــي



يا وردة فـي البيت مـــا أحـــلاها سكبت بروحي عطرها وشذاهـا



ملأت فــؤادي بهــــــجـة وتألقــا وســعادة في صبحـها ومســاهـا



زرعت لنا في البيت هرجا دائما بضجيجها وعجيجها ونــداهـــــا


***


إن عدت تلقـاني بوجــه ضــاحك فيـذوب هــمي عندما ألـــقاهــــا



لـم يبتــهج أحــد بمثـلي مثلــــــها أو يلقني يومـــا شبيه لقــاهـــــا



فإذا رأتني مــقبلا مــن وجهـــــة عجلت إلي بوجـــهها وخطاهـــا



وســعادة تنداح مــلء عيــــــونها وهتاف ( بابا ) ســابق ممشاهـــا



( بابا ) أتـــى انشــودة فتـــــانــة ينساب في البيت الوسيع صداهـا



وتـــروح تقفــز كالغـزال لبـابنــا لتشـــول عنــي ما تطـيق يداهـــا



***



تأتــي إلـي لتشتكي فــي غضبــة وتــروم منــي أن أرد أخـاهـــــا



( أنس ) يكسر ما لديـهـا عابثـــــا ويـشـــد لـعبتــها وقـــد آذاهــــــا



تجــــري إلي ودمــعها متســــابق تخفي بصدري حزنهـا وآساهــــا



وتقول والدمـــع الغزير بعينـهــــا حبـات عقـــد ساحـر مــرآهـــا :



إنـــي اريد (عروسة ) صداحــــة بـــابـــا حبيبي ، لا اريد سواهــــا



وترق فـــي غنـــج وتدعو ربهــــا أن يرزق البابــا الغنى والجاهـــــا



كــم ذا أحــب حديثهــا وألــــــــذه ويكـــاد يسـكرني لـــذيذ لـغاهـــــا



ينســــاب عذبــا كالغنـاء نداؤهــــا ويموج كالشــحرور صوت بكاهـا



كلأتك عيني ما خطوت على الثرى ودعوت ربــي أن يســـد خطاهـــا




***



إن البنـــات لمنحــــة علــــويـــة فاشـــكـر لـــربك أنـــه أعطــاهـــا



وإذا تربت في رياض فضيلــــــة وتجمـلت من دينهـــــا وتقاهـــــــــا



ومشـت على درب العفاف بصيرة تخــذت نســــــاء محمد أشباهـــــا



فلأنت أفــــخــــر والـــــد ببناتـــه فاشمخ برأســـك في السهـا تياهــــا




تمت

مــــاذا بعـــــد ؟

جلستُ على الأرض الخضراء ... في تلك الحديقة الغنّاء ... استند الى ذلك الجذع الكبير ... وعيناي تتأملان كل ما حولي .
تتأملان ذلك القمر الفضي .. تتأملان تلك النجوم المضيئة .. تتأملا ن الأشجار الكبيرة وسرب النمل الطويل .
تتأملان كل شئ ...

نظرتُ بعيداً ... فوجدتُ تلك السيدة الأنيقة ... التي سحرني جمالها بمعنى ... سحر الجمال .
كانت... تماماً كما اُحاول رسمها بقلمي دائماً .. فلا أستطيع .
كانت... كما نرها في الأحلام دون الواقع .
كانت... كما كانت ...

بدا وجهها كقرص القمر ، وبياض الثلج .
وملامحها كانت ناعمة للغاية ... لم اُبصرها في غيرها يوماً .
فعيناها واسعتان ، زرقاوتان ، برّاقتان ، تحيط بهما أهداباً طويلة ، كثيفة ، سوداء .
وأنفها بدا ناعماً طويلاُ ... بقدر ما أملك أن أقول بأنه طويلاً .
فمها كان وردياً صغيراً ... وحين تطلق ابتسامتها الشفافة ... تتلألأ أسنانها البيضاء بين شفتيها وقد اصطفت بجمال كحبات اللؤلؤ ...

رفعت يدها الناعمة .. لتمسك بخصلات شعرها السوداء التي تناثرت .. لتخفي وجنتيها الورديتان عن بصري .
ثم وقفت بهدوء جذّاب ... فرأيتها كحوريات البحر تماماً .
ارتدت ذلك الرداء الأحمر الذي زاد جمالها جمالاً ... ورونقها رونقاً .
نعم ... تركتُ تأملاتي ... وأصبح كل ما لدي ... هو أن اُراقبها ، أرصد تحركاتها ... وأكتشف جمالها .

بحثت بأناملها الناعمة ... عن شئ بداخل حقيبتها الصغيرة .
أجل ... أخرجت كتاباً ، ومضت تسير وحيدة .. تُقلّب صفحاته بين الحين والآخر .
تركت ُما كان بيديّ ... ومضيت خلفها ... وأملي أن تحتاج لي لاُعينها .
بدأتُ أبحثُ عن كلمات أقولها لها ... ولكن ... طال المسير ولم أجد حرفأً ينطق لساني به .
أجل ...
أخرجتُ نظارتي ... فأوقعتها أرضاً ... فسقطت لتملأ الأرض من كسراتها ... بدأت اُزيلها عن الطريق ، رفعتُ بصري ناظراً اليها حيث تسير ... فلا بد أنها تنظر اليّ ... ولكن ...
سحقاً لها ... فلم تترك كتابها لتنظر خلفاً اليّ ...
تركتُ كسراتها ... ووقفتُ صامداً ... تقدمتُ أمامها ... ثم وقفتُ في طريقها ... فتوقفت عن المسير ... وقد أغلقت كتابها ...
نعم ... أغلقته من أجلي ... نظرتُ اليها مبتسماً ... فابتسمت .
سألتها عن الزمن ... وقد كنتُ أعلمه ...
رَفَعَت كفّها أمامي ... فلم أفهم ماكانت تعنيه ...
سألتها بحماس عما تقصده بحركتها تلك ... فَوَضَعَت يدها على فمها ... لتخبرني بأنها ... بأنها ... بأنها بكماء .

بكل ألم وشفقة نظرتُ الى عينيها ... ثم تراجعتُ خلفاً ... ألقيتُ عليها بيدي التحية ... ثم طويتُ خطواتي الى كسرات نظارتي أجمعها ... ثم الى حيث أتيت .. الى جذع الشجرة ...
مدركاً...
ماذا بعد جمالها ... وأن الكمال لله .
حررتها في العام 2003

لا شــئ يذكـــر

مضيتُ بجوار البحر... أسيرعلى شاطئه ببطء شديد ، وأتأمله ... وكأنني اُحصي حبّات رمله وأكتشف كائناته .
كانت أرضه ساخنة للغاية ، تكاد تحرق قدماي ...
والرياح الهوجاء تجعل الرمال الذهبية تطاردني أينما وصلت .
مضيتُ الى حيث لا أدري ... وأفكاري تسرقني من العالم الذي كنت فيه ...
فرغم الطيور التي كانت تملأ الأرض التي أسير عليها ، والتي كانت تخيفني الى حدٍ أعجز عن وصفه ، كنتُ لا أشعر بها ولا أرها إلا عندما تحلق في كل صوب ، خوفاً مني لإتخاذي طريقها ...
توقفتُ فجأة عن المسير ... شعرتُ بأنني قد وصلتُ إلى نهاية العالم ...
نظرتُ إلى قدماي اللتان كانت تبللهما أمواج البحر ، فرأيتهما قد جفّتا تماماً ...
نظرتُ إلى البحر الذي كان مداً ، فوجدته جزراً ...
نظرتُ إلى السماء التي كانت زرقاء بها شمساً ، فوجدتها سوداء بها قمراً ...
نظرتُ إلى ساعتي ...فوجدتُ الوقت كما لم أكن أتوقعه أبداً ... حدّقتُ بها وكأنني قد أخطأتُ النظر بلا شك... فرأيته كما وجدته .
أخفيتُ ساعتي تحت سترتي ... فاقتربتُ من سيدة كانت تجلس أمام البحر ... سألتها بحماس عن الزمن ... فأجابتني بما أخبرتني به عيناي ...
استدرتُ إلى طريق العوده ... وقد امتلأت نفسي خوفاً من كل شئ ... شعرتُ ببرد يسري بين أعضائي ... فخبأت كفيّ تحت ملابسي ، وانطلقتُ تسابق إحدى قدماي الاُخرى للوصول إلى حيث بدأت المسير .
مضيت ... ومضيت في طريق طويل ... وعيناي تسترقان النظرإلى الوقت كل حين ... وقدماي تطئآن قناديل البحر بين خطوة وآخرى ..

أبصرتُ اخوتي من بعيد ... فنسيتُ العالم الذي كان يحيط بي ... وجريتُ كطفلة صغيرة ...تسعد بكل شئ من حولها ... اقتربتُ منهم بسعادة وشوق ... فتقدّم نحوي أخي طلال ... احتضنته بشوق عظيم ... فاحتضنني ... ذَرَفَت عيناي دموعاً سخية كعادتها عند كل شوق ... نهضت بسعادة ... وأمسكت بيده الصغيرة ... وخططتُ بغصن شجر قد أمسكته بيدي الاخرى على الشاطئ المبلل بماء البحر(............... ) .
فقد كان تفكيري الوحيد خلال مشواري المديد ...
أنشدني اخي قلق الجميع عليّ ... ابتعدتُ عن الشاطئ في طريقي الى أهلي حيث يجلسون ... وما إن اقتريتُ منهم حتى حيّاني الجميع بسعادة بالغة ... وكفيّ والدي تحلقان في السماء شاكراً ربه لعودتي ... وعينا والدتي قد ملأت الأرض دموعاً ... وذراعيها قد وصلتا اليّ شوقاً لي ...
نظرتُ إليهم مبتسمة ... ثم استرقتُ النظر خلفاً ... لأرى أمواج البحر قد محت ما كتبت ... ليكون مشواري الطويل ... لا شئ يذكر ...
لا شئ يذكر .
حررتها في العام 2003

أرحيلكما ألمي .. أم عيناي ؟

أَرَحيلَكُمَا أَلَمي ... أَم عَيناي ؟

لماذا رحلتي قبل أن تُقبّليني قُبلة حنان تبارك لي حياتــــــــــــي ؟!
لماذا لم تمسحي بيدكِ الطاهرة على جبيني فتسعد بها أيــامي ؟!
لماذا لم تضُميني إلى صدركِ الدافئ قبل أن ترحلي لأشعر بدفءٍ شعر به أبناء العالم سواي؟!
لماذا لـم تأخُــذينـي مـعـكِ عـنــدما عــــزمـتِ عـلــى الرحــيـل ؟!
أمي... اُجزم أنكِ الحنان رغم أني لم أذقـه منكِ... بل اُجزم أن الحنان هو أنتِ...
إعلمي أمي... أني قادرة على وصفــكِ .. كما علمـتني جـدتي...
فأعلم أنكِ البياض رغم أني لا أعــرف كيف هو الـلون الأبــيض !!!
وأعرف لون شعركِ ، وجمـالكِ ، وحمرة وجــــنتيكِ ، رغم أنــي لم اُبصــر الحمرة يوماً!!!
أتخيل دائماً شكل عينيكِ ، رغم أني لا أعرف شكل العيون!!!
لقد خرجتُ إلى الحـياة لأعــي ... بأنني خـــرجتُ مـــمن لـم أرها، ولن أرها... فيا ليتني كنت بصيرة لأرى نوركِِ ، لا أكثر...
خرجتُ ممن وضعتني ورحلت... (رحمكِ الله أمي الحبيبة).
لقد مضت شهوري الاولى مريرة...
قد أتذكـر منها... حـين أمسكتُ بعد محاولات عـدة ، و مشـقة وعـناء، وغزارة دموع وبكاء، بإصبع ملأ كفي...
فلم أتمـكن من أن أصل أطراف أنـاملي الصغيرة براحـة يـدي !
كم كنتُ أبذل قُصارى جهدي لأزيد إمساكي به ...
وفجأة ...
يحاول نزع إصبعه مني ! لماذا أبي ؟!
حتماً لم تكن تُدرك مدى الألم الذي كنتُ أجده من ذلك..
لا جَدَل بأنني كنتُ أقف برهة.. ثم أغمض عيناي الكفيفتان ،
واُخرج شفتي التي تعبّر عن مدى ألمي ، وبدء البكاء،
وأنطلق صارخة بأعلى صوتي... إلى أن يضُمني والدي إلى صدرهِ الحّان.. يربّتُ عليّ... فأنام.
مضت الأيام... وبلغتُ الثانية من عمري...
تعلمتُ أن أضع قدماي على الأرض التي سأحيا عليها... تعلمتُ أن أسير تجاه والدي سامعة ألحانه الشّدية ليجذبني إليه...
تاركة جدتي التي كانت تُنافس أبي فتنشد أغنياتها القديمــة بصوتها... المتقطع.. المهتز.
وطوى الدهر أيامه وسنينه وبلغتُ الثامنة من عمري ... أصبحتُ أدركُ كل شئ من حولي.. علمني والدي أن أعتمد على نفسي في جميع أموري.
ونشأتُ على ألا ّ أعتمد على غيري أبداً.
كنتُ اُلاحظ مساعدات العالم لي من حولي ، وخصوصاً جدتي التي كانت تطمع أن أكون عالمة زماني.
فكانت تعينني بعطفٍ في كل شئ... وكنتُ أدرك خطواتها في غرفتي حينما تمشي على أطراف أصابعها خشية من أن تجرح مشاعري ... فتضع ملابسي في مقدمة خزانتي لتسّهل عليّ أمري... لذا... كنت أعمد دائماً إلى تغيير ما أعدته لي. ( عذراً جدتي ).
التحقتُ بمدرسة المكفوفين... أحببتها كثيراً... فقد علمتني أشياء لم أكن اعلمها أبداً.
كنتُ أحكي لجدتي كل ما تعلمته عندما أعود... ولا أترك لها وقتاً لتحكي لي حكاياتها القديمة... التي طالما أعادتها لي كل ليلة منذ أن كنت صغيرة لا أدرك ما تقول!!!
يأتي والدي من عمله متأخراً... منهكاً... إلا أنني اُفرغ عليه بسعادة كل ما عملت في مدرستي.
تسابقني جدتي بذكر حديثي... فأتركها لتكمله.
ولا أعلم... قدر سعادتها عندما تكمل ما أود إخبار والدي به.
مضت الشهور وأقبل اليوم الأخير من سنتي الدراسية... كانت قدماي ثقيلتان تجذبهما الأرض بشدة خشية الوصول إلى المدرسة واستلام النتيجة ...
ومهما مضى من وقت فإنني وصلتُ إليها... وقفتُ أمام اُستاذتي... فَتَحَت أصابع يدي بعد أن اشتبكت مع بعضها خوف الواقع ...وَضَعَت نتيجتي في قبضة يدي ... انتظرتُ حديثها... لتخبرني بمكنونها... هَتَفَت فرحة لي : (لقد نجحتِ ولكِ مستقبل باهر).
لا أتذكر كيف تركتها وطويتُ خطواتي سريعاً !! فلم أجد نفسي إلا أمام باب منزلنا.
خَرَجَت جدتي ورأت دموع الفرح تملأ وجنتيّ ضمّتني إلى صدرها بشدة.. وَبَكَت!! مَسَحَت بكفّها المجّعد على عينيّ وكأنني أبصرتُ حينها أمي... أمسكتُ بيدها فقبّلتها..فطالما ساعدتني ورعتني... كم اُحبكِ جدتي.. واعلمي أن هذه اولى خطوات نجاحي ...
صحبتني إلى حديقتنا فاستلقيتُ على العشب الأخضر... ومددتُ يديّ في كل جانب... وجهّت نظري إلى السماء وانطلقتُ اُخبر ها بما قد تراه...
فتلك هي الطيور تحلقُ في الفضاء تجاهكِ جدتي... وهاهي الشمس مشرقة تمتد منها خيوطاً ذهبية فتصل إلى عينيكِ فتغمضيها ...وإن نظرتِ جانباً.. فسترين الأزهار الملونة بأشكالها العديدة تزيّن العشب الأخضر، الذي أحاط بشجرة عظيمة غرسها لكِ جدي عندما أنجبتِ أمي !!
نعــــــــــــــــــم... هذا ما أتوقع حدوثه عندما تَفتَح لي جدتي الباب الآن ...
أزلتُ دموعي التي عبّرت عن سعادتي ..ووضعتُ إصبعي على الجرس.. وقرعته...
فُتِحَ الباب ...لم يتحدث أحداً... يجب أن أستبق أنا الحديث فلا بد أنها جدتي .. تلعثمت وبدأت تعيد طقم أسنانها لتبحث عن أحرفاً تعّبر بها...
ولكن!! سرعان ما وجدت أن ذراعيّ والدي تحيطان بي...
واعجباه !!! لقد أتيت اليوم من عملكَ باكراً أبي ..لا شك أنكَ تنتظر نتيجتي ...أمسكَ بيديّ ورفعهما إلى السماء وأمرني أن أدعوَ لجدتي بالشفاء العاجل ...
هرولَت قدماي إلى غرفتها... وقد ملأتُ طريقها دموعاً سخية..جَلَستُ بجوار سريرها تحسستُ وجودها ..أمسكتُ بيدها فأمسكَت بي ... شعرتُ ببرودتها وضآلة جسمها...هتفتُ :
(انهضي جدتي فلقد نجحت كما أردتي) .
لم أعلم كيف بدت ملامحها ! لكنها نطقت:( سأضمكِ في الجنة حبيبتي، فادعي لي بيسير الحساب).
حدّثتها قائلة :(إن كنتُ لا اُبصر سوى الظلام فقد كان ظلامي ذاك نوراً، وسأرى الظلام من بعدكِ جدتي). مددتُ يدي لأضعها على عينيها بعد أن أزيل نظارتها الكبيرة...فما وجدتُ سوى غطاء قد اُسدلَ عليها... صرختُ باكية : ( لتعودي جدتي وتخبري والدي بأحاديثي... لتعودي جدتي وتعيدي اسطورة حكاياتكِ كل ليلة ... لتعودي وتنشدي اُغنياتكِ القديمة... وأعدكِ بأن اُنشدها معكِ...لتعودي وتعدّي لي ملابسي وأقسم بأني سألبسها... لتعودي جدتي لاُ خبركِ بألم قد جَرَحَ قلبي لرحيل أمي عني.. وألم أنهك جسمي الآن لرحيل جدتي الحبيبة) .
فَتَحتُ نافذتها ...
وصرختُ بأعلى صوتي : اُقسم بأنني سأنطلق في حياتي.. وأحقق أضعاف ما حققته من نجاح لأجلك.. ولاُخبركِ بذلك حين ألتقي معكِ.. وأمي... يوماً...
(وها أنا الآن قد دوّنتُ حكايتي بعد أن بلغتُ الرابعة والعشرين من عمري ...وقد حققتُ فعلاً ما أردت . بكوني... (أكبر كاتبة كــفـيـفة ).. إلا أنني رغم ما وصلتُ إليه... أخشى دائماً أن أكتب خواطر وروايات على ورقة كنت قد دوّنت عليها حكايات من قبل !!
حررتها في العام 2003

حــــــــــــــواء

أحببتُ فيه عيناه اللتان تفيضان حباً لي في كل وقت .
أحببتُ فيه شفتاه اللتان ترسمان الإبتسامة على ملامحه ... والتفاؤل في حياتي .
أحببتُ فيه لسانه الذي ينثر عذب الكلمات لي كل حين .
أحببتُ فيه قوامه العظيم الذي يدافع عني ما دمت معه .
أحببتُ فيه كل شئ ... وكل ماعنده ... وكل شئ يفعله .

أقبل يوم ... ليته لم يقبل ...

لم يفهمني فيه ... فظلمني كثيراً ... نظر الى عيناي بظلم... وعيناه تحتقراني بشده .
شتمني لأول مرة .. فلم أجد منه ذلك من قبل أبداً .
أساء اليّ بقدر ما .... ما .... بقدر ما أساء اليّ .
ملأت عيناي وجنتاي دموعاً سخية آنذاك ... لم أتمالك نفسي ... فخرجت إلى أهلي ... حيث الكرامة .. وحيث حضنا والداي الدافئان .

مكثت معهما ليلتان ... وكأنهما قرنان ... كانت الساعات ثقيلة للغاية .
فبدأت أنتظر قدومه . ..
نعم ... أنتظر قدومه ... فقد فاض لساني حديثاً له ... وانتقاماً منه .
أجل ...

سأخبره بما أصبح يعني بالنسبة لي ... بعد أن كان يعني لي كل شئ .
سأعبر له عن مشاعري الحديثة تجاهه .
سأحتقره كما احتقرني ... لاُعيد لي كرامتي ... بعد أن سلبها مني .
سأشتمه أكثر مما شتمني .
سأقف صامدة أمامه ... وسأمتدح رجال العالم سواه .
سأمحي ذكرياتي السعيدة معه ... وسأعيد كل ماضيه الأسود .
سأنسى كل ما فعله من أجلي .
سـ ...

انقطعت أفكاري الطويلة على صوت أخي طلال ينشدني قدومه لي ...
نهضت بشده ...
توجهتُ إليه وكلي كبرياء ... مالئة ملامحي حقداً عليه ... فقد عرف الآن خطأه ... وآتى يقدّم الأعذار .
وقفتُ بجواره ... وقد استند حائطاً ... وأخفى يديه خلفه .
رفعتُ بصري ناظرة إليه ...وقد كان ينظر اليّ ... تذكّرتُ حينها ...
كل ما كان بيننا من أيام .. وأحاديث وذكريات .
كل ماكان بيننا من ساعات ... وأسرار وامنيات .
أغلقتُ عيناي ... لتملأ وجنتاي دموعاً مرة اخرى ... فأنستني ذكرياتي بعض ماحملته إليه .
أزال بكفه دموعي ... نظرتُ إليه ... فأظهر ما كان يخفيه ...
أجل ... وردة حمراء قدمها بين يديّ ... وابتسامته الشفافه تشق ملامحه .
قبل أن يحدثني ... نسيتُ كل ما كان لدي وما حملته إليه .. ونفذ كل ما جمعته من أنفة وكبرياء ...
ابتسمتُ باستحياء ... ووردتي بين يديّ ...
نطق لساني من غير اذن مني : (كم اشتقت إليك كثيراً ) .
انطلقتُ الى غرفتي ... أجمع ملابسي وحاجياتي .
توجهتُ إلى والداي اُقبّلهما ... وكانت خطواتي تسابقني ... فلم أعلم ان كنت قد قبّلتهما حقاً ... أم كانت قبلتيّ للهواء ...

صحبني معه ... ناسية حقاً كل ما فعله بي ، متناسياً هو كل ما بدر منه .

وصلنا الى دارنا حيث كان ... توجهتُ الى غرفتي بشوق ... استلقيتُ على سريري ... ونمتُ نوماً طويلاً ...
لتخبرني كل أحلامي بأنني كنتُ ضعيفة جداً ... فاخبرها بأنني ..
( حواء ) .
حررتها في عام 2003

الجـــود

أحببتُ حرف الألف... وحرف الباء... وحرف الياء... منك أبي ...

العطف والحنان ، الصدق والأمانه ، الجود والكرم ... أنت أبي .

الحياة والتفاؤل ، السعادة والأمل ، الهناء والخير ... حيث كنت أبي .


أختم خاطرتي القصيرة ... بأصدق جملة ترددها خلايا جسمي ما أبقاني الله ..

( كم أنت عظيم ... عظيم .... عظيم ... أبي ) .

فدمت لنا سالم يا أغلى أب .


حررتها في عام 2003

امــــــــــي

حينما أمسكتُ بصاحبي القلم لأول مرة ...
رسمتُ به دائرتين كبيرتين ... تليتهما بخطين اُفقيين ... وآخرين رأسيين ... لأخط بها اولى كلماتي (ماما) .


امي الحبيبة ... كنتُ ومازلتُ وسأبقى ... أحتاج لحبكِ ... أحتاج لحنانكِ ... أحتاج لهمساتكِ ... أحتاج لكلماتكِ ... أحتاج لرضاكِ .
أتبع كل خطواتكِ ... أحيا على صوت نبضاتكِ ...
أحتاج إلى.... إلى.... إليكِ امي الغالية .


عجز قلمي عن أن يخط أسطراً لكِ ...
فاكتفى بأن يكتب أقل كلمة يملكها قلبي لكِ ...

امي ... اني ( اُحبك ) .
2003

12.04.2007

بلا عنوان


في غرفة ذات حوائط محكمة البناء ..

في غرفة ذات نافذة صغيرة مغطاة بستار وردي فاخر ، ملئ بالورود والفراشات البيضاء .

في تلك الغرفة .. التي وضع في زاويتها مدفأة ، لتملأ أركانها دفء وحرارة .

استلقت ( رُبا ) على سريرها الوردي .. وغطت رأسها المغطى بقبعة صوفية حمراء ، يتناسق لونها مع لون ردائها .

غطت رأسها بغطاء سريرها ذو اللون المماثل للون ستار نافذتها .. لتذرف دموعها على خديها ، فتمسحها كل حين بيديها الصغيرتين اللتين وضعتهما بداخل قفازين صنعا من الصوف الفاخر .

تجدد ( رُبا ) بكاءها .. فوالدها لم يشتري لها مظلة كبيرة تماثل مظلة أخيها ، لتقيها قطرات المطر التي قد تهطل في فصل الشتاء .
بل اكتفى ( بمظلة صغيرة سوداء ، ذات نجوم بيضاء ) .. فلم تنال رضاها .


وفي غرفة ، هي ذاتها دار لـ ( صبا ) ..
حوائطها كأوراق ممزقة تملأها بيوت العناكب الصغيرة ، ستائر نوافذها ما هي إلا صحف بالية .
يدخل نسيم البرد القاسي من بين زوايا بابها .

في غرفة هي ذاتها دار لـ (صبا ) ..

ترقص ( صبا ) فرحاً .. فوالدتها بدأت تحيك لها غطاء يقيها قطرات المطر الباردة التي تتخلل سقف دارها ، فتسقط على قدميها الصغيرتين حين تغفو مساءا .

ترقص ( صبا ) فرحاً ..
فوالدتها بدأت تحيك لها غطاء يقيها قطرات المطر الباردة من قماش ( مظلة صغيرة سوداء ، ذات نجوم بيضاء ) ، رُميت في قارعة الطريق .
***
تم نشرها في جريدة اليوم السعودية .. بتاريخ : 6 ربيع الأول 1429 هـ

12.01.2007

بــراءة الطـفولــة



بــراءة الطـفولة .. تجعل كل شئ في أعيننا كبيرا .


فعندما كنت صغيرة .. كنت أرى الأشياء أكبر بكثير مما هي عليه .


فحينهـا ..

كنت أجد أن وجود اسمي في ( لوحة شرف الفصل) يعني أنني ذات شهرة لا تقتصر على أرجاء المدرسة فقط .

كنت أجد أن معلمة تحمل بين يديها ( علبة طباشير ملونه ) تجعلها الأجدر بكل شئ .

كنت أجد أن امرأة ترتدي ( حذاء ذو كعب عالي ) يعني انها الاغنى بيننا .

كنت أجد أن طفلة تضع على رأسها ( قبعة ) تجعلها الأجمل بيننا ، وأن طفلا يرتدي ( بنطال ذو لون غير الأسود) هو الأكثر أناقة .

كنت أجد ان الفتاة في يوم زفافها و( بفستانها الأبيض ) تكون قد ملكت الحياة بأسرها .

كنت أجد أنه في مجتمعنا الطفولي .. من تملك حقيبة يدويه ( ذات جيب داخلي صغير) فأنها الأكبر بيننا ، وهذا هو مرادنا .

كنت أجد ان صديقتي التي امتلك والدها سيارة ( سوبر بان ) جعلها الاغنى منا جميعا .

كنت أجد ان طالبة أصبحت احدى قريباتها ( معلمة لنا ) يجعلها الأوفر حظا .

كنت أجد ان ارتدائي لساعتي في (يدي اليمنى) يجعلني أكثر أناقة .


وغير ذلكـ كثير ..إلا أن تلك .. هي أكثر الأشياء بقاءا في ذاكرتي .


بابتسامة ..

ما أجمل الطفوله !