.
أحب صغيري أحمد ذو الأعوام الخمس أن يهدي احداهن هدية صغيرة ..
في الواقع .. لم تكن تعني لنا شئ ،
فلم تكن سوى .. مجرد ملصق صغير كتب عليه عبارة ( أنت رائع )
و لكنها في نظره قيمة جدا .. اختارها من بين أجمل ما يملك .
احتفظ بها منذ الصباح ..
يلصقها على كتابه حينا ..
و على يده حين آخر ..
خشية من أن يفقدها أو تسقط عليه دون أن يشعر .
كان في انتظار المساء ..
مساء سيلتقي فيه بمن أراد أن يهديها لها .
حتى حل ذلك الوقت المنتظر .
في طريقنا الى هناك .. كنت اراقبه .. ما زال محتفظا بذلك الملصق ..
و أنا أنتظر وصولنا حتى يقدمه لها ، فتنتهي مهمته بسلام .
وصلنا ..
و عندما اتممت السلام على من كان حولي .. ذهبت اليه اُحدّثه ..
أسأله :
اين الملصق ؟
بابتسامه هتف : قدمته لها و فرحت يا ماما .
التقيت بها مجددا .. اخبرتني انها فرحت حقا .
:)
مضت الليله .. و كانت حافلة بالازدحام و الفوضى
و يبدو لي أن ما كان يحدث حولنا قد أفقدها الملصق !
في نهاية الليلة .. و حين هممنا بالعودة للمنزل ..
عاد أحمد اليها يسألها ببراءة :
أين الملصق ؟ أما زال لديك ؟
لم يكن يعني لها شئ .. و لديها اهتمامات عديدة ..
الفوضى من حولها قد عمت .. و الوقت قد انتهى ..
و الكثير من حولها يهتف لها و يناديها ..
و طفلتها تبكي بين يديها ..
و زوجها ينتظرها بالخارج ..
بسرعة أجابت : نعم ، انه هنا .. و أشارت بيدها الى جوف حقيبتها .
و لو كنت بمكانها .. لفعلت ما فعلت !
عدنا الى البيت ..
و بينما كنت أعد نفسي استعدادا للنوم ..
تقدم نحوي صغيري ..
و ملامح البؤس و الحزن تملأ وجهه ..
و شفته السفلى قد امتدت نحوي .. واضعا احدى كفيه على الاخرى ..
هتف : لقد كذبت يا أمي ..
جلست بجواره أسأله : من ؟
أخرج من بين يديه الملصق !
سألته : كيف ؟
أجاب : أخبرتني بأن الملصق في حقيبتها ..
ماما .. لو كان هناك حقا .. لما وجدته ملتصقا في أسفل جوربي !
كان هذا الموقف .. بمثابة صفعة على وجهي ..
آلمني بعنف !
ربما .. لأنني قد عشت حكايته منذ الصباح ..
:(
كثيرا ما نتعامل مع صغارنا بأنهم ..
لا يعوون .. سيسهون .. سينسون ..
لن يفهموا .. لن يدركوا .. لن يتألموا
لن يشعروا .. لن يتأثروا
لن .. و لن ..
ويحنا !!
فرغم شقاوتهم .. عقولهم نظيفة و قلوبهم صافيه ..
و يدركوا أكثر منا غالبا .
!