4.25.2008

في عيــــــونهم ..






في عينيّ جدتي ..

أنا ما زلت تلك الطفلة التي يحق لها أن تتأرجح بين الزهور ..

أنا ما زلت تلك الطفلة التي لا مانع من أن تجدل شعرها كضفيرتين تسدلهما خلف اُذنيها .. و على كتفيها .


.

في عينيّ والدايّ ..

أنا مازلت فتاة صغيرة للغاية .. يقلقهما عليّ .. حملي لطفلي بين ذراعيّ .

أنا ما زلت فتاة صغيرة للغاية .. يحزنهما دومـا ، وداعي لهما .. و فراقهما لي .

أنا ما زلت فتاة صغيرة للغاية .. يدهشهما .. قدرتي على طهي الطعام .

.

.

في عينيّ زوجي ..

أنا تلكـ المرأة التي ارتبط بها .. فأصبحتُ بذلكـ شريكة حياته .

أنا تلكـ المرأة التي ارتبط بها .. فأصبحتُ بذلكـ في الحياة عونه ويده .

.

.

في عينيّ طفلي ..

أنا ذلك السند العظيم .. الذي دومــا وأبدا يحتاج إليه ..

أنا قدوته الاولى ..

أنا عيناه اللتان يبصر بهما .

و قد أكون أنا ..أكبر ما يراه !

.

.



4.21.2008

أنا في انتظار عودتكـِ ..







أنا في انتظار عودتكـِ ، أجل ..

.

أجلس هنا بين حوائط داري .. جسدا بلا روح ..

فروحي معكـِ .. تحلق حول سريركـ الأبيض .. الذي رجائي فقط أن تغادريه .. لتعودي إلينا ..

.

لتعودي إلينا .. فتجلسي حولنا .. فتستعيدي ذكرياتك .. وتحكي لنا حكايات شبابكـ ، التي عشتيها مع طفولتنا .

.

أنا لست الوحيدة في إنتظار عودتكـ جدتي ..

.

فكلنا .. في انتظاركـ ..

فكلنا .. لكـ ..

فكلنا فداؤكـ .

لأنكـِ جنة دنيـــانا .

دمتِ في رعاية الله .

.

.

4.15.2008

ببساطــة قالت لها ...

في تلك اللحظة التي أخبر فيها طلال ، زوجته بأنها أصبحت تحمل بين أحشاءها ، جنينها الأول .

رفعت حنين كفيها نحو السماء ، وبدأت تشكر ربها بصوت يبدو عاليا ، يسمعه كل من هو حولها .
طالت ابتسامتها خلال تلك السويعات .. بل ولم تفارقها حتى لحظة واحدة .
فقريبا .. ستصبح ام .
.
تسعة أشهر قضتها حنين .. تنتظر فيها ذلك اليوم ، الذي ترى فيه وجه طفلها .. فتمسك به بيديها ، وتضمه إلى حضنها بذراعيها .
.
تتالت الأيام ..
.
و لم يطوي الزمان شهوره فحسب .. بل طوى سنينه ..
لتحتفل حينها حنين ، مع طفلها رائد ، لبلوغه عامه السادس .
تقبّل هذه الأم العظيمة صغيرها .. و تهديه بود ، كل ما تتمناه نفسه البريئة ..

و تلوح بوجهها في كل لحظة إلى الحائط ، لتزيل بأناملها ، عبراتها عن وجنتيها ..
فإحتفالها بعيد ميلاده .. إن كان يعني لطفلها أنه قد أصبح كبيرا .. فإنه يعني لوالديه .. قُرب رحيله عنهما .
فسبعة أعوام .. هو عمره المتوقع له .. وعن ذلكـ ، يقال أنه لن يزيد !
. .
ستة أشهر .. ورحل بعدها رائد .
رحل .. ليتركـ خلفه ، غرفته .. دبه الصغير .. صوره المعلقة في كل ركن .. أقلامه الملونة .. حذاءه الذي لم يرتديه بعد .. مقعده المتحركـ ..
رحل .. ليتركـ خلفه ، كل ما يؤلم به قلب والديه .
رحل ..تاركا ذلكـ الحنان العظيم ، وذلكـ الحب .. الذي كان يتدفق من روح والدته عليه .
. .
في مجلس عزاءه .. كانت امه تجلس أمام الجميع تبكيه بصبرتارة ، و بحرقة تارة اخرى .. وتكاد لا تبصر شيئا .
فوداعها لفلذة كبدها ، كان أصعب محنة قد حلّت بها .
وداعها له .. كان بمعنى وداعها لروحها .
. .
اقتربت إحداهن منها .. رغبة في مواساتها ..
ببساطة قالت لها :
( موته .. هو الأكثر راحة له .. و راحة لكـ ) .
.
.


4.03.2008

لا تودّعينــــي



خمس وسبعون عاما قضيناها سوية ..
بأعوامها .. أيامها ولحظاتها ..
نذرف لبعضنا عبرات أحزانها .. ونطلق ابتسامات أفراحها .
نختلف .. فنتشاجر معا .. ثم تتصافى قلوبنا .. كما لو لم يكن بيننا شيئا .
كنا .. نعيش فقط .. لأجل بعضنا بعضا ..
أنا ... وشريكـ حياتي .. رفيق دربي .


.

في مقتبل العمر كنّا ..
نشدو لبعضنا أجمل الألحان .

.

طوت السنين أيامها ..
ودون أن يخبرنا الزمن بقرب المشيب .. ظهر الشيب !

ظهرت أجيال عديدة بعدنا .. لتخبرنا بأننا قد أصبحنا جيل قديم ..
واعجباه !
لقد كبرنا .. كبرنا سريعا .

.

.
تحت سقف واحد عشنا .. طويلا ..
ما دمنا معا يكفينا أي شئ .. أي شئ .
.

ابتلاني ربي .. حين مرضت .
أو ربما أحبني الله .. فمرضت .. لتتساقط ذنوبي بعيدا عني .

.
بين يدي .. وقف زوجي .. وضع راحتي كفيه أمام بعضهما .. اشتبكت أنامله معا ..
اقترب مني كثيرا .. حتى إلتصق جبينه بجبيني .
همس :
- أرجوكـ حبيبتي .. لا تودّعيني .. فكم أحتاج إليكـ .
.
كم أحتاج إليكـ ؟
ما أقساها من كلمات ..

فلتدعوا لي بطول العمر يا حبيبي .
.
طال بي مرضي .. وحالتي قد إزدادت سوءا .. نعم .
وعينيّ حبيبي كانتا تمتلآن خوفا و شفقة عليّ ..
أعي لغة عينيه دوما .

.

بسهولة .. استطاع الزمن أن يستبدل قوتي ضعفا .. وشجاعتي خوفا .
و كم أصبحت عبراتي تتساقط من عينيّ سريعا آنذاك ..

.
يمسك الغالي بيدي دوما .. ويزيل بيده الاخرى دموعي تلكـ كل حين .. وهو يحاول إخفاء دموعه عني .
ويردد لي :
- لا تودّعيني حبيبتي .

أفقت من نومي منهكة كعادتي ، صباح ذلكـ اليوم ..
وقد شعرت بأن خلايا جسدي قد جفّت تماما .. وكأنني لم أرتشف ماءا من قبل .
بهدوء هتفت :
- أحتاج إلى الماء يا روحي .

.
لم يجبني ..
طال صمته .. طال وطال .
وضعت يدي على كتفه ..

فلم أشعر بنبضات قلبه ... لم أشعر بنبضات قلبه ...
لم أشعر بنبضات قلبه .
.

.
ببساطة ..

لقد ودّعني حبيبي ، قبل أن اودّعه .

ودّعني .. ربما كي لا اودّعـــه .
.
.
تمت