7.24.2011

امي



بجوارها كنت اتخذ لي مقعدا ..

اطوي قدميّ تحت مقعدي ..

امد يديّ نحو كفيها .. اضمهما لبعضهما .. اقبّلهما ..

أتأمل عروقها .. يسير بها دمها ..

اشعر بدفئها .. بحنان قلبها  .


انها امي .. 

اصبحت رجلا .. و ما زالت تضع يدها على رأسي .. تحرك خصلات شعري

 تزيل بأناملها .. قطرات عرق جبيني .. و لا تشعر بضيق من ذلك .



على سرير ابيض كانت ترقد امي ..

تنظر اليّ .. تدعو لي و هي أحوج للدعاء !

تبكي ان قد تركت عملي لأجلس بجوارها ..

و انا من أجد نفسي لم اقدم لها شي !


احداهن تقدمت نحونا ..

امرتني بالمضي .. فلا حاجة لوجودي ..

امرتني أن ابتعد .. ريثما ينتهين من عملهن ..

 فامي ستكون برفقتهن ، ما يقارب الساعتين .



وقفت ..

ابتعدت عنها خطوات قليله ..

أعدت النظر ..

وجدتها قد امْسَكَت بكفها ..
امسكتها بعنف ..
فلم تكن تعلم بكف من قد امسكت ..

انها امي ..

انها من ربت .. من سهرت ..

من من أجلي قد ضحكت و بكت ..

انها حياتي .. و جنتي .



وخزتها بإبرة ، قبل ان تذكر اسم ربي .

اغمضت عينيها حينها  و هي تبتسم .. لتخفي عني ألمها .

لتشعرني بأن ذلك لم يؤلمها ..

لتخبرني بأنها بأحسن حال .. و إن لم تكن كذلك ..





لحظات وجيزة ..

اصبحت بعدها  .. لا تشعر بجسدها .. لا تشعر بمن حولها .

نُقِلت من سرير إلى آخر ..


و ساروا بها ..

يتحدثون .. يضحكون .. و لا يبالون .

يبعيدونني بأذرعهم .. بعيدا عن طريقهم ..




ساعتين فأكثر ..

قضيتها في انتظارها .. كانت بين حياة أو ممات ..

و كنت كما كانت .. أو ما يزيد .

كنت خلالها إلى الطفل أقرب ..


امسك بين يدي بكيس صغير .. سُلّم لي ..

وضِعت فيه جوارب سوداء كانت ترتديها .. لم تعد بحاجتها آنذاك .


كنت اُزيل عبراتي بين الحين و الآخر ..

 و لم يهمني أن اُخفيها عمن حولي .

مضت الساعات ثقيلة  ..


حتى تقدمت إحداهن ..

أشارت لي انه قد اصبح بامكاني أن أراها  .. خلف زجاج النافذه ..

إلى حيث أشارت اتجهتُ سريعاً ..



وجدتها اجل ..

رأيتها بلباس مختلف تماما عما كانت تحب أن ترتدي ..


وُضع عليها ما لا يستطيع أن يتحمله جسدها الضعيف .


اُسند من خلفها .. جهاز أسود .. يُظهر لنا نبضات قلبها الصافي ..



إنها المرة الاولى التي أهتف فيها :


( اللهي لا تلهم قلبها طريق سوي ) .



مكثت طويلا ..

أضع يديّ على زجاج يفصلني عنها ..

و كأنني أستشعر به .. وجودها .

حتى ..

شعرتُ بأنها أفاقت ..

نعم .. لقد أفاقت امي .


سُمح لي أن أدخل إليها ..

تقدمتُ نحوها .. اجري ..

كما كنت اجري اليها حينما كنت طفلا .. لاٌلقي بجسدي عليها ..

لكنها اليوم لم تمد ذراعيها نحوي ..


 شعرت بأنفاسها حولي .

إليها مددت يدي مجددا ..

لامست كفيها اُقبّلهما ..

فأشعرتني بأنها تشعر بوجودي ..






شيئا فشيئا ..

فتحت عينيها .. و كأنها لم تبصر النور منذ زمن طويل ..

ابتَسَمَت ..  و هذا ما كنت أنتظره ..

ما كنت أتأمله ..

غمرتني السعادة ..

مددتُ كفيّ شاكرا ربي ..

رفعت يدها ببطء .. وضعتها على يدي ..

بدأت تنظر الى حيث انظر .. و كأنها تخبرني بأنها تفهمني ..

انه مقعد كمقعد والدي ..

نافذه تشبه نافذة دارنا .. تطل على شجرة كتلك التي في حديقتنا .

اربت على كتفها كلما فهمتُ ما تعنيه ..

اطلق ابتسامتي .. فتبتسم ..



حينها فقط ..

عادت إليّ أنفاسي ..

عادت حياتي تبتسم لي .

فأمي ما زالت في دنياي .


احبك .. امي .



.














هناك 6 تعليقات:

فاطمة عبدالمحسن يقول...

ليحفظ الرب لنا جميعا امهاتنا


كنت أقرأ وكاني في قلب الحدث ...
فقلت اللهم لاتجعلني عيني تبكي عليها يوما

قصة غاية في الروعة كما تعودنا من قلمك عزيزتي أميرة

غير معرف يقول...

احبك امي
احبك امي
احبك امي

هبه

Seldompen يقول...

="(

الدمعة ..

هل هي كفيلة لتقرئي سطور لم أسطرها !

.
.

أثرتي الحنين ..

فرأيت جدَتي في كلماتكِ

اللهم خذ من أعمارنا وأمدد بها أعمار والدينا ..


أدام ربي الأحبار أميرتنا :)

أميـــــره يقول...

شكرا غاليتي فاطمة ..


اللهم آمين .

أميـــــره يقول...

اختي هبه ..


اُحبها جدا .


:)

أميـــــره يقول...

الهمسه ..

رحم الله جدتنا .

:(

هي من ألهمتني العبارات هنا .